Friday, April 26, 2019

استمرت سارة في الذهاب للعمل، رغم الإبلاغ عن مرضها

ولحسن الحظ أنه يمكننا التحكم في مستويات التلوث التي نتعرض لها يوميا إلى حد ما. فقد نقيّم جودة الهواء قبل الخروج من المنزل، وثمة مواقع على الإنترنت تعرض معلومات عن مستوى جودة الهواء قياسا بنسبة الجسيمات الدقيقة في الهواء، التي تعد الأكثر خطورة على الصحة. وتقول يونان: "عندما تكون مستويات التلوث في الخارج مرتفعة، فمن الأفضل أن تتجنب الخروج لممارسة رياضة الجري، وأن تحاول مزاولة عملك من المنزل".
وقد بادرت بعض المدن والولايات باتخاذ خطوات إيجابية للحد من مستويات التلوث، مثل كاليفورنيا التي وضعت معايير وقواعد صارمة للقضاء على انبعاثات الغازات المسببة للتلوث. ولم تنجح كاليفورنيا في الحد من مستويات التلوث فحسب، بل تراجعت أيضا معدلات الجريمة فيها. وتؤكد يونان أن فريقها لا يمكنه الجزم بعد بالعلاقة بين التلوث والجريمة، لكنها تفسح المجال للمزيد من الأبحاث.
وتعتزم بريطانيا تطبيق رسوم إضافية على المركبات التي تدخل أحياء معينة في لندن في إطار خططها للقضاء على انبعاثات الكربون، كما تنوي زيادة أعداد الحافلات الصديقة للبيئة التي لا تصدر أي انبعاثات، بموجب مبادرة تحسين جودة الهواء في لندن.
ويقول روث: "يجب أن نشارك جميعا في القضاء على التلوث، على مستوى الأفراد وليس الحكومات فحسب. فإن نمط حياتك، من مشترياتك إلى وسيلة التنقل التي تستخدمها، له تأثير كبير على البيئة."
وبينما يأمل روث ألا تخرج مستويات التلوث عن السيطرة، فإن الحل المتاح الآن هو مراقبة مستويات التلوث بأنفسنا، وتجنب مزاولة بعض الأنشطة مثل ممارسة الرياضة البدنية في الخارج أو حتى الذهاب إلى العمل في الأيام التي يصل فيها التلوث إلى أعلى مستوياته، حتى نحمي أجسامنا وأدمغتنا من أضراره.
كم مرة ذهبت للعمل وأنت غير راغب في ذلك؟
يُعرف هذا بظاهرة "الاستياء من الوجود في مكان العمل".
وفي دراسة حديثة، أجرتها شركة "فيتاليتي" للتأمين الصحي في بريطانيا، قال أكثر من 40 في المئة من الموظفين إن عملهم يتأثر بمشاكلهم الصحية، وهو رقم ارتفع بمقدار الثلث، خلال السنوات الخمس الماضية.
وتوصلت الدراسة إلى أن الناس ينحون جانبا مشكلات الصحة النفسية والبدنية من أجل الذهاب إلى العمل.
لم تكن سارة ميتشل-هيوم تعرف شيئا عن الصحة النفسية، عندما أصيبت بنوبة هلع وهي في مكتبها.
كانت سارة قد أمضت عامين في مهنتها، في قسم التوظيف بشركة للهندسة - وهي الوظيفة التي أحبتها للغاية، حين أصبحت فجأة على غير ما يرام. لقد تم تشخيص إصابة سارة بالاكتئاب.
وتتذكر سارة ما حدث، قائلة "شعرت بضغط علي للعودة إلى العمل، على الرغم من أنني كنت قد أبلغت أني مريضة".
"لقد كنت حاضرة جسديا، لكن عقليا لم أكن أفعل أي شيء. كنت شاردة تماما. لم يكن هناك شيء يدور في رأسي. أعتقد أني لم أكن أفعل أي شيء كل يوم سوى محو الرسائل من صندوق البريد الإلكتروني. لقد جعلني هذا أكثر مرضا. كان يجب أن أكون في المنزل لاتعافى".
كانت سارة تبلغ من العمر 24 عاما عندما بدأت حياتها المهنية، وحينها شعرت وكأن حياتها قد انتهت.
إذا أُصبت بكسر في الساق، فمن الواضح أنك ستكون بحاجة إلى إجازة. لكن من الأصعب اكتشاف أنك تعاني مرضا نفسيا، أو تعاني من ضغط العمل.
لكن الدراسة، التي أجرتها شركة "فيتاليتي"، أظهرت أن هذه الأمور هي أكبر العوامل وراء مشكلة ذهاب الناس إلى العمل وهم غير لائقين بما يكفي لأداء وظائفهم.
تجري "فيتاليتي" دراسة سنوية، بعنوان "مكان العمل الأفضل صحيا في بريطانيا"، تشمل 167 منظمة و32 ألف موظف. والهدف هو فهم ومعالجة تدني الصحة والرفاهية في أنحاء بريطانيا.
والاستياء من الوجود في مكان العمل أصبح أمرا شائعا، واضحا ومطردا. فهذه الدراسة ليست سوى واحدة من عدة دراسات توصلت إلى النتيجة نفسها.
ومن الواضح أن المرء إذا لم يكن في أفضل حالاته، فإنه سيكون موظفا أقل إنتاجية.
حين فقد ديل غارباكي زوجته في عام 2014، هوت حالته إلى أسوأ ما يمكن. لقد كان هو من يرعاها، بينما يحاول الحفاظ على وظيفة بدوام كامل في قسم الدعم الفني بشركة للاتصالات.
ويعترف ديل الآن: "لقد انخفضت إنتاجيتي، إلى ما أسميه الحدود الدنيا".
"لقد تلقيت العديد من التحذيرات. وبعد أن تواصلت أخيرا مع الشركة، وأجريت محادثة خاصة مع مديري، حول ما كنت أشعر به، وما كنت أعاني منه في المنزل، وفقدان زوجتي، قال: حسنا، لماذا لم تخبرني من قبل؟ سنحتاج إلى تقديم بعض المساعدة لك".
وبينما شعرت سارة أنها لم تتلق أي دعم من شركتها، وتركت وظيفتها في نهاية المطاف، بدأ غارباكي برنامجا للياقة البدنية، برعاية شركته، لمساعدته على إعادة الأمور إلى طبيعتها.
بدأ الرجل يركض قبل الذهاب للعمل في متنزه، بالإضافة إلى التدرب في صالة الألعاب الرياضية الخاصة بالشركة.
ويقول "أنا بالتأكيد أفضل بكثير من ذي قبل. عموما أشعر بتحسن في نفسي. لدي مشاعر أكثر إيجابية وثقة، وأتطلع حقا إلى كل يوم".
لقد حصل الآن على حافزه المالي كاملا، لأول مرة على الإطلاق.
تقول كيسا ترويل، رئيس قسم المسؤولية الاجتماعية بشركة غارباكي، إن المبادرات المعنية برفاهية الموظفين "جيدة من حيث المنطق التجاري".
وتضيف "من المهم أن يكون لدينا قوة عاملة سعيدة تتمتع بصحة جيدة ومتفاعلة، خاصة وأننا نعمل في مجال البيع بالتجزئة".
وتضيف "التكنولوجيا تجعل من السهل على الناس الاختباء وراء مكاتبهم، أو أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم أو هواتفهم. إنها تسهل الحضور إلى العمل، مقارنة بما كان عليه الوضع قبل سنوات قليلة. ولذلك علينا معالجة هذا الأمر".
الإنتاجية هي المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي طويل الأجل، ومستويات المعيشة.
سارة ميتشل-هيوم تقوم حاليا بأعمال حرة وتطوعية، بالإضافة إلى انشغالها بالأمومة. إنها سعيدة، لكنها تتمنى لو أن صاحب العمل قد تعامل مع الأمور بطريقة مختلفة.
وتقول "كان الأمر صعبا للغاية. كان من الممكن لقليل من الشفقة والتعاطف والمرونة إحداث اختلاف هائل".
"مكان العمل يمكن أن يكون مكانا قاسيا. هناك الكثير مما يجب عمله لرعاية الموظفين".

No comments:

Post a Comment